«بلومبرغ»: العقوبات الأمريكية على إيران تسببت في اضطرابات بسوق النفط
«بلومبرغ»: العقوبات الأمريكية على إيران تسببت في اضطرابات بسوق النفط
أفاد تقرير لوكالة "بلومبرغ" بأن العقوبات الأمريكية المفروضة على الشركات وناقلات النفط التي يُعتقد أنها تُسهم في تصدير النفط الإيراني إلى الصين قد تسببت في تباطؤ تدفق هذه الصادرات، فضلاً عن خفض كمياتها وزيادة تكاليفها بشكل ملحوظ.
وأكد التقرير، الذي نُشر أمس السبت، أن العقوبات الأمريكية أجبرت العديد من التجار على إيجاد طرق جديدة للالتفاف حول القيود المفروضة، ما أدى إلى اضطرابات في سوق النفط.
وتأتي هذه التدابير في إطار سياسة "الضغط الأقصى" التي أعاد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تفعيلها في 5 فبراير (شباط)، بهدف "تصفير" صادرات النفط الإيرانية.
وأوضح التقرير أن مديري مصافي النفط الخاصة في الصين، وهم المشترون الرئيسيون للنفط الإيراني، أشاروا إلى تعرض الشحنات لصعوبات لوجستية متزايدة وارتفاع في التكاليف التشغيلية.
وأفاد بعض هؤلاء المديرين، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، بأن بعض ناقلات النفط الإيرانية تعرض للاعتراض خلال رحلاتها، ما أدى إلى مزيد من التعقيد في السوق.
العقوبات تطول قطاع الشحن
كثفت الولايات المتحدة جهودها لقطع تدفقات النفط الإيراني إلى الصين، والتي تُعد الشريك التجاري الأكبر لطهران.
وذكرت "بلومبرغ" أن أكثر من ثلثي الناقلات البالغ عددها نحو 150 سفينة والتي نقلت النفط الإيراني الخام خلال عام 2024، قد أُدرجت على القائمة السوداء الأمريكية.
وفي إطار هذه الجهود، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، في الأسابيع الأخيرة من ولايته، عقوبات على عشرات الشركات والسفن بسبب دورها في نقل النفط الإيراني.
هذا الإجراء جاء بعد انتقادات وُجهت للبيت الأبيض حول تعامله مع طهران.
تقييد دخول الناقلات المحظورة
وفي تطور لافت، أعلنت مجموعة موانئ شاندونغ الصينية، في 8 يناير، منع دخول السفن المحظورة والمحملة بالنفط الإيراني والروسي.
ويأتي هذا القرار في ظل مخاوف من تشديد العقوبات مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة، ما أسفر عن انخفاض حاد في صادرات النفط الإيرانية إلى الصين في يناير.
ورغم أن الصين لا تعترف بالعقوبات الأمريكية الأحادية، فإن هذه القيود دفعت الموانئ وشركات الشحن، ولا سيما تلك التي تتعامل مع الأسواق الخارجية، إلى توخي الحذر في التعامل مع السفن المحظورة.
الالتفاف حول العقوبات
ذكرت "بلومبرغ" أن تكلفة الالتفاف على العقوبات ارتفعت بشكل كبير، حيث بلغت تكلفة استئجار ناقلة عملاقة غير مدرجة في القائمة السوداء لنقل النفط الإيراني من ماليزيا إلى الصين بين 5 و6 ملايين دولار في أوائل الشهر الحالي، بزيادة تصل إلى 50% مقارنة بالعام الماضي.
وتشير بيانات شركة "كبلر"، المتخصصة في تحليل بيانات قطاع الطاقة، إلى ارتفاع الاعتماد على الناقلات الأصغر، التي تُعد أقل كفاءة من حيث التكلفة، لنقل النفط الإيراني.
ففي فبراير الماضي، جرى نقل النفط الإيراني من ناقلة عملاقة إلى ثلاث سفن أصغر في ماليزيا، وهي عملية مكلفة وبطيئة.
وفي ظل التوسع في القائمة السوداء الأمريكية، تضاءل عدد السفن المتاحة لنقل النفط الإيراني، ما زاد من تعقيد تجارة الخام بين إيران والصين.
وعادةً ما يعرض وسطاء وتجار النفط الإيراني خصومات مغرية بالمقارنة مع الأسعار العالمية، مثل خام برنت، وذلك لجذب المشترين الصينيين.
ومع ارتفاع تكاليف النقل والقيود المفروضة، تراوحت الخصومات على النفط الإيراني بين 0.5 و1 دولار للبرميل في الأسبوع الماضي، مقارنة بتخفيضات تراوحت بين 1 و1.5 دولار في الأسبوع السابق.
تجارة النفط الإيراني
ورغم التشديد الأمريكي، فإن الصين لم تتوقف عن استيراد النفط الإيراني، إذ ازدهرت هذه التجارة منذ 2018، وتمكنت من التكيف مع العقوبات عبر طرق بديلة.
ووفقًا لـ"بلومبرغ"، فإن تدفق النفط الإيراني إلى الصين بلغ أعلى مستوياته في أربعة أشهر خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تراكم الشحنات المؤجلة.
كما أن عمليات النقل السرية للنفط الإيراني في المياه الماليزية مستمرة، حيث يتم إيقاف أجهزة تتبع السفن لتجنب المراقبة، فيما أظهرت صور الأقمار الصناعية أن ما يصل إلى سبع عمليات نقل تمت خلال يوم واحد "في الظلام التام".
ويحذر خبراء الشحن من أن الولايات المتحدة قد توسع نطاق العقوبات ليشمل الجهات المالية وشركات التأمين التي تتعامل مع ناقلات النفط الإيرانية، ما قد يزيد من تعقيد تجارة الخام الإيراني عالميًا.